التفاؤل روح تسري في الجسد, فتجعل الفرد قادرا علي مواجهة الحياة وتوظيفها وتحسين الأداء ومواجهة الصعاب, والناس يتفاوتون في ملكاتهم وقدراتهم, ولكن الجميع قادرون علي صناعة التفاؤل.. ولأن العلماء دائما ما يحللون أي حالة تطرأ علي الفرد, فقد أكدت دراسة حديثة نشرت مؤخرا في مجلة نيتشر أن تفاؤل الشخص بالمستقبل يتم التحكم به من خلال جزء صغير في مقدمة وسط الدماغ.
وأظهرت الدراسة التي أجرتها إليزابيث فيلبس من جامعة نيويورك وتالي شارلوت من كلية لندن الجامعية أن تلك المنطقة التي تقع في العمق خلف العينين, تتفاعل عندما تراود الشخص أفكار إيجابية حول ما يمكن أن يحدث في المستقبل, وأظهرت الصور التي التقطت للدماغ أنه كلما كان الشخص أكثر تفاؤلا, كلما كانت المنطقة الظاهرة في الصور الدماغية أكثر سطوعا, ويبدو أن الجزء ذاته من الدماغ والذي سمي بـ اللحاء الأمامي المنبري المطوق المعروف اختصارا بـ RACC يصاب بالقصور لدي الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب.وقامت الباحثتان بأخذ صور بواسطة جهاز الرنين المغناطيسي لخمسة عشر شخصا, بينما كانوا يفكرون باحتمالات المستقبل, وعندما فكر المشتركون بأحداث جيدة تفاعلت كل من منطقة الـ RACC والأميجدالا وهي المتعلقة بالردود العاطفية ومن ضمنها الخوف ولكن العلاقة مع التفاؤل كانت أكبر من اللحاء المطوق.
وذكرت فيلبس بأن الدراسة ذاتها أظهرت أن الأشخاص يميلون للاعتقاد بأن الأحداث السعيدة أقرب في موعد حدوثها وأكثر وضوحا من الأحداث التعيسة حتي وإن لم يكن هناك سبب يدفعهم لذلك.
وقالت الباحثتان إنهما عندما طلبتا من المشتركين أن يفكروا بـ 80 حدثا مستقبليا مختلفا علي أن تكون جيدة أو سيئة أو محايدة واجهتهم صعوبة كبيرة في التفكير بالمستقبل بشكل سلبي أو حتي بشكل محايد فعلي سبيل المثال عندما طلب من المشتركين أن يفكروا بقصة شعر مستقبلية تخيلوا حصولهم علي أفضل قصة شعر سبق وأن حصلوا عليها في حياتهم بدلا من أن يفكروا بأية قصة شعر عادية.
التفاؤل والحياةكما أكدت دراسة أمريكية أن التفاؤل والتعامل مع مشاكل الحياة اليومية بنظرة إيجابية يقلل من ظهور الشيخوخة, حيث تعود العلاقة بين التفاؤل والشيخوخة إلي عوامل اجتماعية ونفسية, كما أن الجينات والصحة البدنية تلعبان دورا مهما في ظهور أعراض الشيخوخة, فقد وجد الباحثون أن أعراض الشيخوخة والتي تتمثل في الضعف وفقدان الوزن وعدم القدرة علي الإمساك بالأشياء وبطء الحركة تكون أكثر عند الأشخاص المتشائمين عن المتفائلين والذين يتعاملون مع مشاكل الحياة ببساطة ودون توتر.وربطت دراسة علمية حديثة لأول مرة بين التفاؤل وجهاز المناعة لدي الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة, ووفقا للدراسة التي أجراها باحثون أمريكيون فإن الطلاب الأصحاء في كلية الحقوق الذين أظهروا تفاؤلا في بداية الدراسة للعام الأول لهم في الكلية أظهروا مستويات أفضل في وظائف الخلايا المناعية الرئيسية في منتصف الفصل الدراسي الأول, حيث شملت المعتقدات والأفكار المتفائلة لدي طلاب الحقوق تقييما إيجابيا لقدراتهم وتوقعاتهم بالنجاح وشعورا واثقا أثناء التفكير بشأن كليتهم, وعلي النقيض من ذلك فإن الخوف وعدم التيقن من النجاح عكس التشاؤم.
كما أفادت دراسة حديثة بأن التفاؤل والمرح يمكن أن يكونان علاجا لمقاومة الإصابة بنزلات البرد في الشتاء, وقد أوضحت الدراسة أن الشعور بالسعادة والنظر بإيجابية للأمور وخاصة في فصل الشتاء يمكن أن يوفر أفضل حماية في مواجهة الإصابة بنزلات البرد, ومن خلال الدراسة التي أجريت علي الأشخاص الذين يتسمون بمزاج يميل إلي المرح والتفاؤل, اتضح أنهم أقل عرضة للإصابات بنزلات البرد وأكثر مقاومة لفيروس الإنفلونزا.
وأشار الدكتور شيلدون كوجين من جامعة كارنيجي ميلون في مدينة بيستبرج الأمريكية إلي أن الأشخاص الذين يتسمون بطابع عاطفي إيجابي قد تكون لديهم استجابة مناعية مختلفة للفيروس.وتوصل باحثون من جامعة دوك الأمريكية إلي اكتشاف الجينات المسئولة عن السعادة لدي الإنسان والذي يمنحه مزاجا حسنا ونفسية إيجابية, وأشار الباحثون إلي أن تغير أحد حرفي هذا الجين قد يؤثر بصورة سلبية علي الإنزيم الذي يتحكم بمستويات مادة المزاج في الدماغ والتي تعرف باسم سيرتونين, ومن خلال التجارب علي أدمغة عدة سلاسل من الفئران لتحديد الموروث الجيني المسئول عن صناعة الأنزيم الذي يتحكم بدوره في تصنيع السيروتونين, اتضح أنه يوجد نوعان من هذا الجين.
No comments:
Post a Comment