Tuesday, March 04, 2008

بولونيا‏..‏عندما‏ ‏تتنسم‏ ‏عبق‏ ‏العصور‏ ‏الوسطي


لو‏ ‏سألت‏ ‏الناس‏ ‏عن‏ ‏المدينة‏ ‏السياحية‏ ‏التي‏ ‏تتبادر‏ ‏إلي‏ ‏أذهانهم‏ ‏أولا‏, ‏فإن‏ ‏قلة‏ ‏منهم‏ ‏سيذكرون‏ ‏بولونيا‏,‏وهذا‏ ‏ليس‏ ‏غريبا‏ ‏علي‏ ‏تلك‏ ‏المدينة‏ ‏فبينما‏ ‏تغص‏ ‏المدن‏ ‏الأخري‏ ‏مثل‏ ‏روما‏ ‏وفلورنسا‏ ‏والبندقية‏ ‏بالسياح‏,‏فإن‏ ‏القليل‏ ‏منهم‏ ‏يتواجد‏ ‏في‏ ‏بولونيا‏ ‏وهذا‏ ‏ما‏ ‏يفسح‏ ‏المجال‏ ‏أمام‏ ‏السكان‏ ‏المحليين‏ ‏للتنعم‏ ‏بالعيش‏ ‏في‏ ‏مكان‏ ‏تسود‏ ‏فيه‏ ‏أرقي‏ ‏مستويات‏ ‏المعيشة‏ ‏في‏ ‏إيطاليا‏.‏
سميت‏ ‏تلك‏ ‏المدينة‏ ‏التي‏ ‏أنشأها‏ ‏الأتروسكانيونفي‏ ‏عام‏ 600 ‏قبل‏ ‏الميلاد‏ ‏بفلسيناثم‏ ‏جاءت‏ ‏القبائل‏ ‏الغولية‏ ‏وأعادت‏ ‏تسميتها‏ ‏فأصبحت‏ ‏بولونيا‏ ‏التي‏ ‏حازت‏ ‏علي‏ ‏انتباه‏ ‏العالم‏ ‏عندما‏ ‏تأسست‏ ‏جامعتها‏ ‏في‏ ‏عام‏ 1088 ‏واستوعبت‏ ‏ألفي‏ ‏طالب‏ ‏علم‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏أنحاء‏ ‏أوربا‏ ‏ليلتقوا‏ ‏في‏ ‏تجمع‏ ‏يمثل‏ ‏كل‏ ‏عبق‏ ‏العصور‏ ‏الوسطي‏ ‏وقواسمها‏ ‏المشتركة‏ ,‏وانتشرت‏ ‏الأروقة‏ ‏الملحقة‏ ‏بالمساكن‏ ‏في‏ ‏أنحاء‏ ‏المدينة‏ ‏لتستوعب‏ ‏تدفق‏ ‏القادمين‏ ‏الجدد‏,‏وبذلك‏ ‏ولدت‏ ‏بولونيا‏ ‏كنموذج‏ ‏مبهر‏ ‏واليوم‏ ‏مازالت‏ ‏شرفاتها‏ ‏الصفراء‏ ‏تظلل‏ ‏الشوارع‏ ‏علي‏ ‏امتداد‏ ‏أربعين‏ ‏كيلو‏ ‏مترا‏ ‏مما‏ ‏يعطيها‏ ‏خاصية‏ ‏مميزة‏ ‏لها‏.‏
يتركز‏ ‏وسط‏ ‏بولونيا‏ ‏حول‏ ‏ميدانين‏ ‏شعبيين‏ ‏رئيسيين‏ ‏وهي‏ ‏ساحات‏ ‏جميلة‏ ‏محاطة‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏الجوانب‏ ‏بمبان‏ ‏من‏ ‏طرز‏ ‏كلاسيكية‏ ‏راقية‏ ‏سادت‏ ‏في‏ ‏العصور‏ ‏الوسطي‏ ‏وهناك‏ ‏وبين‏ ‏أسراب‏ ‏الحمام‏ ‏التي‏ ‏تملأ‏ ‏الساحات‏ ‏يأتي‏ ‏البولونيون‏ ‏للتسوق‏ ‏والصلاة‏ ‏وتبادل‏ ‏الأحاديث‏ ‏والاستعراض‏ ‏أيضا.‏
‏لم‏ ‏تكتسب‏ ‏بولونيابولونيا‏ ‏الحمراءمن‏ ‏ألوان‏ ‏مبانيها‏ ‏الصفراء‏ ‏خصوصا‏ ‏عند‏ ‏المساء‏ ‏ولكن‏ ‏من‏ ‏كون‏ ‏الاشتراكية‏ ‏جزءا‏ ‏أساسيا‏ ‏من‏ ‏الحياة‏ ‏الثقافية‏ ‏فيها‏ ‏منذ‏ ‏المقاومة‏ ‏التي‏ ‏أبدتها‏ ‏في‏ ‏الحرب‏ ‏العالمية‏ ‏الثانية‏ ‏وعرف‏ ‏عن‏ ‏البولونيين‏ ‏جرأتهم‏ ‏وانغماسهم‏ ‏في‏ ‏الحياة‏ ‏الثقافية‏ ‏لدرجة‏ ‏أن‏ ‏مدينتهم‏ ‏أعلنت‏ ‏في‏ ‏عام‏ 2000 ‏عاصمة‏ ‏للثقافة‏ ‏الأوربية‏, ‏كما‏ ‏تم‏ ‏تحويل‏ ‏سوق‏ ‏الأسهم‏ ‏المحلي‏ ‏القديم‏ ‏إلي‏ ‏أكبر‏ ‏مكتبة‏ ‏متعددة‏ ‏الوسائط‏ ‏في‏ ‏إيطاليا‏ ‏مما‏ ‏جعلها‏ ‏تستحق‏ ‏اسم‏ ‏مدينة‏ ‏المثقفين‏ ‏ويصل‏ ‏عدد‏ ‏سكانها‏ ‏اليوم‏ ‏إلي‏ ‏نحو‏ 370 ‏ألف‏ ‏نسمة‏.‏
وترتفع‏ ‏درجات‏ ‏الحرارة‏ ‏في‏ ‏الصيف‏ ‏مصحوبة‏ ‏ببعض‏ ‏الرطوبة‏ ‏وتغلب‏ ‏البرودة‏ ‏علي‏ ‏الشتاء‏ ‏خصوصا‏ ‏في‏ ‏سهول‏ ‏إميليا‏ ‏دومانا‏,‏ويكون‏ ‏الطقس‏ ‏شديد‏ ‏البرودة‏ ‏في‏ ‏يناير‏ ‏وفبراير‏ ‏من‏ ‏كل‏ ‏عام‏,‏أما‏ ‏في‏ ‏الربيع‏ ‏والخريف‏ ‏فيكون‏ ‏الجو‏ ‏معتدلا‏ ‏وهو‏ ‏أفضل‏ ‏الأوقات‏ ‏لزيارة‏ ‏بولونيا‏ ‏علي‏ ‏الرغم‏ ‏من‏ ‏أنها‏ ‏في‏ ‏ذروة‏ ‏موسم‏ ‏السياحة‏ ‏لا‏ ‏تصل‏ ‏إلي‏ ‏درجة‏ ‏الاختناق‏ ‏والازدحام‏ ‏بالزائرين‏.‏
وترتفع‏ ‏درجات‏ ‏الحرارة‏ ‏في‏ ‏يوليو‏ ‏وأغسطس‏ ‏إلي‏ ‏درجة‏ ‏لاتطاق‏ ,‏مما‏ ‏يدفع‏ ‏المتنزهين‏ ‏للمضي‏ ‏إلي‏ ‏شواطيء‏ ‏البحر‏ ‏الأدرياتيكي‏ ‏للتمتع‏ ‏بالنسيم‏ ‏العليل‏ ‏علي‏ ‏مسافة‏ ‏ساعة‏ ‏بالسيارة‏, ‏تعتبر‏ ‏بولونيا‏ ‏بموقعها‏ ‏الذي‏ ‏تحيط‏ ‏به‏ ‏بقايا‏ ‏جدران‏ ‏تعود‏ ‏إلي‏ ‏العصور‏ ‏الوسطي‏ ‏مكانا‏ ‏مثاليا‏ ‏للتجول‏ ‏سيرا‏ ‏علي‏ ‏الأقدام‏.‏

3 comments:

نهى جمال said...

‏بقايا‏ ‏جدران‏ ‏تعود‏ ‏إلي‏ ‏العصور‏ ‏الوسطي‏ ‏مكانا‏ ‏مثاليا‏ ‏للتجول‏ ‏سيرا‏ ‏علي‏ ‏الأقدام‏

....

هوا بالصوره لوحدها ممكن انفذ السير قدما ده
كلامك خلاني استرجع حلم بحلمه حتى لو مش هيتحقق

نفسي الف اليونان وتركيا وفرنسا وايطاليا
وياحبذا قدما :)

بفنجان القهوة اللي معاياوالمعلومة ديه استمتعت جدا

تحية مبتسمة بجد

syzef said...

لفت انتباهي قوي تأسسيس الجالمعة المبكر..وبعدين لقب بولونيا الحمراء لتأثرها بالاشتراكية..وبعدين اطلاق لقب عاصمة الثقافة الاوروبية

الجو الثقافي ده بيخللي عندك اشتهاء رهيب لانك تعيش ف جو زي ده..وبعدين متعة السير علي الاقدام دي كمان ليها نكهتها الخاصة خصوصا ف جو بيحمل عبق اثري زي اللي انتي وصفتيه

عرضك متأثر جدا بأسلوبك الصحفي ..بس بشكل كبير بيساعد القارئ علي اكتساب معلومات عن أشياء بيستمتع بمعرفتها

تحياتي

Anonymous said...

ميرسى ياجماعة بجد
بس ياريت فعلا تكونوا استفدوا من الموضوعات دى واستمتعتوا بها
ميرسى لمتابعتكوا