قامت 'وطني' في عام 1964 بجولة في حوض النهر الأصفر الذي يعد بداية تاريخ الأمة الصينية ومهد الحضارة الصينية فمنذ أربعة آلاف سنة خلت استقر أسلاف الشعب الصيني علي شاطئيه,وقد استطاعوا بذكائهم وعملهم وكدهم استصلاح الأراضي والنهوض بالزراعة وخلق ثقافة لامعة,وقد تغني كثير من شعراء الصين بالنهر الأصفر العظيم في أشعارهم خلال ألوف السنين الماضية. وينبع النهر الأصفر ثاني أكبر أنهار الصين من شرقي سفح جبال 'بايان كارا' في هضبة تسينهاي التبت في غرب الصين,ويجري في اتجاه الشرق عبر تسعة أقاليم ومناطق مستقلة ذاتيا وهي: تسينهاي,سيتشوان,كانوسو,منغوليا الداخلية,هونان,وشانتونج. ثم يصب في بحر بوهابي.
ويبلغ مجموع طوله أكثر من 4800كيلومتر,ومساحة حوضه 745ألف كيلومتر مربع,ويسكن ثلث الشعب الصيني منطقة حوض النهر الأصفر الشاسعة,وتكون المنطقة المزروعة فيها خمس أرض البلاد المزروعة وهي غنية بالفحم والحديد ومواد المعادن الأخري,وفيها مزارع ومراعي لا يدرك آفاقها وعدد من المناجم والمصانع والمدن والقري.
ويتخذ النهر الأصفر طريقه متعرجا في اتجاهه إلي الشرق من هضبة تسينهاي التبت بارتفاع يترواح مابين 4و5آلاف متر فوق سطح البحر وخريره مسموع وماؤه رائق صاف والملاحة فيه متعذرة لقلة عمقه ولكنه يتلاطم ويهدر ويشتد اندفاعا إذا ما اقترب ما بين الجبال من خلجان ضيقة عن طرف الهضبة,وبعد أن يمر خلال 'لاتشو' يستدير تدريجيا إلي الشمال استدارة كبيرة وينساب في سهول نينسيا القاحلة,ومنغوليا الداخلية.
وبفضل اتساع مجري النهر وانسياب مياهه بسلاسة فإن الملاحة في هذا القطاع من النهر الأصفر,تعد أكثر تقدما,كما أن هذا القطاع يوفر أيضا تسهيلات قيمة للري.ولذلك فإن الإنتاج الزراعي في هذه المنطقة من المنحني الكبير متقدم جدا وفيما بين 'شنس'و'وشاتس' يمر النهر الأصفر من الشمال إلي الجنوب خلال الخلجان الضيقة الواقعة فوق هضبة التربة الصفراء,الخلجان التي يبلغ عمقها عشرات الأمتار إلي ما يزيد علي مائة متر,وانسياب النهر في هذه المنطقة سريع جدا فشلال 'هوكو' المشهوريقع علي جنوب الخلجان حيث تسقط المياه من الارتفاع البالغ بضعة عشر مترا فتحدث هديرا مدويا يمتد عدة كيلومترات,الأمر الذي يهئ موارد ضخمة لاستغلال المياه. وإلي جانب سرعة التيارفي هذا القطاع من النهر تتفرع منه أيضا فروع كثيرة مثل نهر 'دي' و'خين' تحمل من هضبة التربة الصفراء كمية كبيرة من الفرين إليه مما جعل الماء معكرا أصفر,وهذا هو السبب في تسميته بالنهرالأصفر. ويسير النهر في اتجاه الجنوب ليصل إلي 'نونجكوان' وعندما تعوق مسيرة جبال 'شينلينج'يضطر إلي الاستدارة إلي الشرق مارا بخليج 'سانمن سياه' الضيق الغادر فيصبح شديد الاندفاع هائج الأمواج مدوي الهدير وهو منظر مثير جدير بالمشاهدة ويستمر النهر في سيره إلي الشرق وينفصل تدريجيا من الجبال ليدخل سهول الصين الشمالية وعندما ينخفض الانحدار يبطئ التيار ويرتفع قاع النهر من مترين إلي عشرة أمتار عن الأراضي المطمئنة الواقعة علي جانبي الجسور في 'نهر هواي' وشمالها في 'نهر هاي'. إن التغير الشديد لحجم مياه النهر وكثرة طميه هما سببان من الأسباب المهمة التي جعلت أسافل النهر تتعرض بكثرة لارتفاع قاعه والتصدع في جسوره وتحول مجراه.
وكان حكام الصين القديمة طوال فترة تاريخها لم يلقوا بالا لإقامة مشروعات الري بل قاموا بإتلاف غابات وأعشاب هضبة التربة الصفراء مما قد عطل حفظ المياه والتربة علي ضفاف النهر حتي أصبح بذلك 'نهرا مضرا' وفي ظلال ثلاثة آلاف عام قبل التحرير حدثت مئات التصدعات في جسوره كما حدثت التحولات الكبيرة لمجراه 26مرة وقد جرت كل حالة من التصدعات إلي خسارة فادحة في أرواح الشعب وممتلكاتهم.
وعندما قامت جمهورية الصين الشعبية سنة 1949انتقل تاريخ النهر الأصفر إلي مرحلة جديدة لمكافحة الفيضانات,حيث قادت الحكومة الشعبية الأهالي المقيمين بمناطق أسفل النهر إلي إعادة بناء الجسور القديمة الهاوية وتحويلها إلي جسور متينة طولها 1800كيلومتر,وتعلو قمم الجسور بنسبة مترين إلي ثلاثة أمتار ونصف أعلي مستوي لمنسوب الفيضان كما يزيد علي أكثر من عشرة أمتار في العرض ويشمل ذلك المشروع أعمال 150مليون متر مكعب من الأعمال الأرضية وأكثر من 3ملايين متر مكعب من الأعمال الحجرية,ثم أن هذه الجسور المزروعة الأشجار والأعشاب عليها طرق مظللة فلم يحدث في العشرة سنين الأخيرة أو أكثر أي تصدع في الجسور حتي في مدة الفيضان الخطير هذا إلي أن الأهالي في المناطق المعرضة للفيضان استطاعوا أن يستفيدوا من ماء النهر الأصفر لري عشرات الملايين من الأراضي الزراعية وأصبحت المناطق التي كانت منكوبة بسبب الفيضان جنة فيحاء.
كما قامت 'وطني' في عام 2006 بجولة في جمهورية الصين الشعبية ثالث أكبر دول العالم بعد روسيا وكندا من حيث المساحة والتي تحتل مركز الصدارة في العالم من حيث كثرة الموارد السياحية والمعالم الأثرية الشهيرة والأنهار والجبال الجميلة.
وتقع جمهورية الصين الشعبية في الجزء الشرقي من قارة آسيا علي الساحل الغربي من المحيط الهادي وتبلغ مساحة اليابسة نحو9.6مليون كيلومتر مربع ويحيط بير الصين 'بحر بوهاي' و'البحر الأصفر' و'بحر الصين الشرقي' وبحر الصين الجنوبي وتبلغ المساحة البحرية الصينية حوالي 5ملايين كيلومتر مربع وتتناثر في مناطق الصين البحرية 5400جزيرة أكبرها جزيرة تايوان ومساحتها 36ألف كيلومتر مربع وتليها جزيرة 'هاينان' ومساحتها 34ألف كيلومتر مربع وينتشر علي بحر الصين الجنوبي عدد كبير من الجزر الكبيرة والصغيرة والجزر الرملية يطلق عليها جزر بحر الصين الجنوبي.
وتتركز حول هضبة 'شنغهاي التبت' أكبر ظاهرة جيولوجية في تاريخ الكرة الأرضية الممتد ملايين السنين,تبدو تضاريسها كسلم ينحدر من الغرب إلي الشرق ويبلغ متوسط ارتفاع الهضبة أكثر من 4000متر فوق سطح البحر لذلك تسمي سقف العالم وتقع علي الهضبة قمة 'أفرست' الذي يبلغ ارتفاعها 8848مترا فوق مستوي سطح البحر وهي أعلي قمة في جبال الهيمالايا وأعلي قمة في العالم.
الأنهار والبحيرات
داخل حدود الصين أنهار كثيرة منها أكثر من 1500نهر تزيد مساحة حوض كل منهما علي ألف كيلومتر مربع ونظرا لأن الأنهار الرئيسية بالصين تنبع من هضبة شنغهاي التبت التي تشكل تفاوتا كبيرا في ارتفاع منسوب المياه من منابعها إلي مصابها فإن الصين غنية بموارد الطاقة المائية لذلك تحتل المركز الأول في العالم. ويمثل نهر 'اليانجستي' أطول أنهار الصين وثالث أطول أنهار العالم ويبلغ طوله 6300كيلومتر ويخترق مجراه الأعلي الجبال الشاهقة والأودية السحيقة. وتتميز الصين بمناخ معتدل ففصولها الأربعة واضحة تناسب السكن والحياة للإنسان وتعد الصين من أغني دول العالم من حيث أنواع الحيوانات البرية ففيها أكثر من 6266نوعا من الحيوانات الفقارية التي تشكل أكثر من 10% من مجموعها في العالم,كما تعد أغني دول العالم في موارد النبات ففيها أكثر من 132ألف نوع من النباتات ويمكن أن نجد في الصين تقريبا جميع أنواع النباتات الرئيسية في المنطقة المتجمدة والمنطقة المعتدلة والمنطقة المدارية في نصف الكرة الشمالي,والصين أكثر دول العالم سكانا حيث إن إجمالي عدد سكانها 1.28مليار نسمة وهذا العدد يمثل خمس سكان العالم تقريبا حيث تعد نسبة الكثافة السكانية في الصين من أعلي النسب في العالم.
ومن المعتقدات الدينية في الصين البوذية التي دخلت في القرن الأول الميلادي تقريبا وانتشرت في التبت ومنغوليا الداخلية بصورة رئيسية وفي الوقت الحاضر يبلغ عدد المعابد البوذية في عموم الصين أكثر من 13ألف معبدا,أما الإسلام فقد دخل الصين في أواسط القرن السابع الميلادي تقريبا. والكاثوليكية دخلت الصين منذ القرن السابع الميلادي ولكل من البوذية والإسلام والكاثوليكية والبروتستانتية أتباع في الصين.
المعالم السياحية والأثرية
ومن أبرز المعالم السياحية والأثرية سور الصين العظيم ويعتبر من أعظم المشاريع المعمارية في تاريخ الحضارة البشرية ويتحلي بمضامين ثقافية غنية ويمثل منظرا طبيعيا عظيما ومتميزا أيضا,وقد بدأ بناء سور الصين العظيم خلال عهد الممالك المتحاربة قبل أكثر من 2000عام ففي عام 221ق.م وحد الإمبراطور 'شي هوانج دي' الممالك المتحاربة وأسس أول دولة موحدة ذات سلطة مركزية في تاريخ الصين وهي أسرة 'تشين' وقد ربط 'شي هوانج دي' الأسوار التي بنتها الممالك المتحاربة مشكلا بها سورا يمتد طوله لأكثر من 5000كيلومتر وفي عهد أسرة 'هان' الملكية بلغ طوله أكثر من 10آلاف كيلومتر وبفعل الزمن تقوضت أجزاء من السور العظيم أما الأجزاء المحفوظة بصورة كاملة نسبيا فهو السور الذي شيد في عهد أسرة مينج قبل حوالي 700سنة بنيت أجزاء في السور فوق جبال شاهقة أو مواقع خطيرة بالسهول حسب التضاريس الجغرافية والحاجات الدفاعية.
وغالبا ما تكون الجدران المبنية في السهول أو الأماكن المهمة عالية ومتينة للغاية وتنتشر علي السور العديد من أبراج المراقبة والإنذار. كان الضباط والجنود المرابطون علي السور يقاومون الأعداء بالاعتماد علي الجدران المتينة والعالية وفي حالة اكتشاف عدد كبير من الغزاة كان يطلقون الدخان نهارا ويشعلون النيران ليلا لنقل المعلومات العسكرية وطلب المدد وكان سور الصين العظيم قد شهد العديد من المعارك الضارية منذ تدشينه واليوم لم يعد سور الصين العظيم منشأة عسكرية بل أصبح أحد الآثار التاريخية المشهورة.
أجمل الجبال والحدائق
تقع حديقة 'شيانيثشان' المعروفة باسم حديقة الغابات في الجانب الشرقي للتلال الغربية علي مسافة 10كيلومترات تقريبا غربي 'بيجنج' نظرا لارتفاعها وكثافة الأشجار بها يصل الربيع متأخرا إلي المنطقة وتكون أيام الصيف دائما باردة لطيفة,ويعد أفضل وقتا لزيارة الحديقة هو أواخر الخريف عندما تتحول أوراق الشجر إلي اللون الأحمر. وهناك أيضا بساتين من أشجار المشمش والكمثري والخوخ.
'جبل هوانجشان' الواقع في مقاطعة أنهوي مشهور بأنه أكثر جبال الصين روعة وقد حظي بتقدير وتبجيل في الأدب خلال فترة جيدة من تاريخ الصين وحتي هذا اليوم ما زال للجبل نفس الفتنة للزوار والشعراء والرسامين الذين يأتون إلي هذا الموقع المبهج المعروف بمناظره العظيمة المكونة من العديد من القمم العملاقة والصخور التي تبزغ وسط بحور السحاب.
كما تعد 'جبال ميلي' الثلجية من المناظر الطبيعية الرئيسية للأنهار الثلاثة المتوازية المدرجة في قائمة التراث الطبيعي العالمي منذ عام 2003وهي مجمع جبال ثلجية مشهورة,وترتفع القمة الرئيسية لجبال ميلي الثلجية 6740مترا عن مستوي سطح البحر مغطاه بالأنهار الجليدية منذ آلاف السنين,وتمتد الأنهار الجليدية المتلالأه من قمة الجبل إلي منطقة الغابات التي ترتفع 2700متر عن مستوي سطح البحر من تشكل أروع وأندر منظر للأنهار الجليدية ذات خطوط العرفي المنخفضة والمرتفعة عن مستوي سطح البحر منذ آلاف السنين ويعتبر أبناء التبت جبال ميلي الثلجية جبال آلهة ومن بين هذه الجبال يتجاوز عدد الجبال التي يبلغ ارتفاعها 6آلاف متر عن مستوي سطح البحر أكثر من عشرة جبال وتقع معظمها في داخل محافظة دهشتين بمقاطعة يوننان.
أهم المدن التاريخية والثقافية
تعد 'تشنجيدة'من أهم المدن التاريخية والثقافية التي توجد شمال الصين وتبعد عن العاصمة الصينية أكثر من مائتي كيلومتر ويرجع تاريخها إلي ثلاثمائة سنة أو أكثر. ففي عهد أسرة تشينج الملكية وهي آخر أسرة إمبراطورية في تاريخ الصين كان الكثير من هؤلاء الأباطرة يقيمون بهذه المدينة في الصيف بسبب وجود المصيف الإمبراطوري والمعابد البوذية المجاورة له ويضم هذا المصيف أربعة أقسام هي قسم القصور وقسم البحيرات وقسم السهول بالإضافة إلي قسم الجبال.
وتبلغ مساحة قسم القصور مائة ألف كيلومتر مربع حيث كان الإمبراطور يعيش ويقوم بأعمال اليومية ويقيم الحفلات هناك وفي عام 1994أدرجت منظمة اليونسكو هذا المصيف الإمبراطوري والمعابد البوذية المجاورة له إلي قائمة التراث الثقافي العالمي.
أما مدينة ناننينج فيقال عنها إنها مدينة في حديقة وحديقة في مدينة حيث إنها محاطة بالجبال والأنهار والبحبرات والجداول الخضراء والأعشاب فيها دائمة الخضرة في الشتاء والزهور فيها متفتحة طوال العام وتتقاطع فيها الجبال والأنهار والبحيرات والجداول حيث يستمتع السياح بالآثار التاريخية ويتعرفون علي الثقافة العريقة فيها التي تجسدها منطقة 'جبل تشينجشيو' وحديقة نهر 'ليايجفنج' الوطنية ومنطقة جبل دامينج السياحية,أما حديقة رنمين وحديقة بحيرة نانهو وغيرها من الحدائق في المدينة فإنها الأماكن التي يجد سكان ناننينج فيها متعة النفس وسعادة الروح. ويقصد سكان ناننينج حديقة شلالات جيولونج وكهوف جينلوندونج الحجرية البدائية وذلك طلبا للراحة والاستجمام ومنطقةكهوف دالونج ومحمية جبل 'لونجهو' الطبيعية ومنطقة ممر كونلون الجميلة,وكلها مناظر منتشرة في المحافظات والضواحي التابعة للمدينة وتتميز بالجبال الخضراء والأشجارالقديمة والشلالات المتدفقة.
أما قصر بوتالا المشهور فيقع علي الجبل الأحمر في 'لاسا' عاصمة منطقة التبت ويندرج ضمن قائمة الآثار التاريخية الوطنية لجمهور الصين الشعبية وكلمة 'بوتالا' تعني جزيرة السفينة في اللغة السنسكريتية ويشار بها إلي الجزيرة التي تسكنها آلهة الرحمة ويترجم اسمها إلي 'بوتولو' أو'بوتو' أيضا لذا يعرف بونالا عادة بأنه 'جبل بوتولو الثاني' ويرتفع قصر بوتالا 3700متر عن سطح البحر ويشغل مساحة 360ألف متر مربع وتبلغ مساحة البناء فيه 130ألف متر مربع ويصل ارتفاع مبناه الرئيسي إلي 117مترا ويضم المبني 13طابقا ويحوي قصورا وقاعات لتماثيل بوذا وقاعات صلاة ومساكن رهبان وساحات. وهو أعلي وأكبر مجموعة بنايات علي شكل قصور في العالم تم بناء القصر وفق تضاريس الجبل وشيدت مبانيه المتراصة فوق بعضها البعض من أحجار الجرانيت الصلب وزينت سطوحها الذهبية اللون بالقوارير والنصب الكبيرة المذهبة والأعلام البوذية ويلفت النظر بهندسته التبتية الخلابة.